«يعلم الله إنني بريء» قالها البريطاني جونلي (JOHN LEE) بهدوء وبرود حسده عليه جميع الحاضرين في
المحكمة، بينما كان يخاطب القاضي الذي أصدر عليه للتو
حكما بالإعدام شنقاً.
وجراء
جريمة قتله لسيدة كان يعمل لديها والذي يقول فيها انه لم يكن القاتل، كان في منتهى الهدوء في يوم إعدامه في صباح يوم 23 شباط عام 1885، تمت تقديم آخر وجبة طعام لجون في زنزانته ووقف السجانون
متعجبون وهم يشاهدون جون يلتهم فطوره بشهية كبيرة وهو الذي ينتظر إعدامه بعد دقائق
معدودة، ولم يكن جون خائفا أو مضطربا ذلك الصباح.
ومضى
مع السجانين إلى غرفة الإعدام كأنه ذاهب إلى نزهة، لم يقاوم أو يصرخ كما يفعل الآخرون، لم يفقد جون تماسكه حتى بعد إن لفو الحبل حول رقبته وكانت تلك المشنقة
من النوع الذي يقف فيها المحكوم على بوابة معدنية ترتبط بطريقة آلية بقبضة خشبية طويلة
يسحبها الجلاد فينفتح الباب نحو الأسفل ويهوي المحكوم عليه إلى غرفة تحت المنصة ويموت
في الحال وينكسر عنقه.
جون
وقف فوق منصة المشنقة وبدا متماسكاً وهادئاً كأن الأمر لا يعنيه، وفي تمام الساعة الثامنة صباحاً قام الجلاد بسحب القبضة
الخشبية التي تؤدي لفتح الباب السفلي، لكن لشدة دهشة
الرجل فأن جون ظل واقفا مكانه ولم يهوي نحو الأسفل، فقام
الجلاد بأبعاد جون عن المشنقة ثم استدعي ميكانيكي السجن لمعرفة الخلل في الآلة.. الميكانيكي كان متأكداً من سلامة الآلة لأنه قام بفحصها
عدة مرات في اليوم السابق.
ومع
هذا قام بفحصها وتجربتها مجدداً أمام الجميع، وما أن
سحب القبضة الخشبية حتى انفتح الباب السفلي على الفور، وكرر
الميكانيكي العملية عدة مرات حتى أطمئن الجلاد إلى أن الآلة تعمل بصورة جيدة، فقام بإيقاف جون مجدداً فوق الباب السفلي ولف حبل المشنقة
حول عنقه، ومرة أخرى قام الجلاد بسحب القبضة الخشبية
لكن جون ظل واقفاً مكانه هذه المرة أيضاً ولم يتزحزح قيد أنملة.. هذه المرة قام السجانون بإعادة جون إلى زنزانته ريثما
يقوم ميكانيكي السجن بفحص المشنقة بصورة دقيقة لمعرفة مكامن الخلل فيها.
هذه
العملية استمرت لقرابة الساعة حتى تأكد الرجل بأن الآلة تعمل بصورة طبيعية وقاما بتجربتها
عدة مرات.. في الساعة التاسعة والنصف صباحاً اصطحب
السجانون جون من زنزانته إلى غرفة الإعدام للمرة الثانية،
وتارة أخرى قام الجلاد بإيقاف جون فوق الباب السفلي ثم لف الحبل حول عنقه.. هذه المرة تمهل الجلاد لبرهة قبل سحب القبضة الخشبية كأنه
كان يخشى أن تفشل عملية الإعدام مجدداً وهو ما حصل بالضبط عندما سحب الرجل القبضة إذ
بقى جون واقفاً مكانه بهدوء من دون أن يهوي إلى الأسفل.
وجميع
من شاهدوا ما حدث ذلك اليوم أحسوا برعشة خفيفة تسري في أجسادهم، الجلاد ضرب جبهته بيده وكاد أن يفقد صوابه فيما تراجع السجانون
إلى الوراء وهم ينظرون إلى وجوه بعضهم غير مصدقين ما يحدث،
والضابط المكلف بمراقبة تنفيذ الإعدام رفض أن يقف جون على المشنقة مرة أخرى
وأمر السجانين بإعادته إلى زنزانته ريثما يقوم بإخبار مدير السجن أولا بتفاصيل ما حدث
في ذلك الصباح العجيب.
وحضر
مدير السجن بنفسه إلى غرفة الإعدام واستمع إلى شهادة الجلاد والسجانين حول ما حدث ثم
قام بنفسه بسحب القبضة الخشبية فأنفتح الباب السفلي للمشنقة على الفور، وأمر بإيقاف الإعدام مؤقتا ريثما يكتب إلى مراجعه العليا
في لندن شارحا لهم ما جرى بالتفصيل ومنتظرا تعليماتهم، وخلال
أيام قليلة وصل الرد من لندن بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق جون لي وتخفيفه إلى عقوبة
السجن المؤبد.
منذ
ذلك اليوم أصبح «جون لي» مشهوراً في إنجلترا باسم «الرجل الذي لم يستطيعوا شنقه».. وبالأمس تداولت بعض الصحف
مجدداً قصته، فهو لا يزال على قيد الحياة للآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق