من منا لا يعرف
صابون الغار أو ما يسمى بالصابون الحلبي، فهو نوع من أنواع
الصابون المتعددة والذي يتم صناعته بشكل أساسي من زيت الزيتون، عرف صابون الغار
في سوريا وبالتحديد في مدينة حلب، إذ إنّها المدينة
الأولى التي تم صناعة صابون الغار فيها، ويصنع من شجرة
اسمها الغار، يتكون صابون الغار من مجموعة من الزيوت وأهمها
زيت الزيتون بالإضافة إلى زيت الحبة السوداء وزيت النخيل وزيت جوز الهند بذور القطن، حيث إنّ صابون
الغار لا يحتوي على أي من المواد العطرية أو الصبغات المصنعة، ولا يوجد فيه أي
من المواد الكيميائية أو الصناعية التي تؤذي البشرة والشعر، فالزيوت التي فيه
طبيعية مئة في المئة، لذلك يسمى بالصابون
السحري لما له من فوائد عظيمة للبشرة والشعر أيضاً، وتجدر الإشارة
إلى أن صابون الغار يمكن استخدامه لجميع أنواع البشرة دون استثناء، لون صابون الغار
بعد الانتهاء من تصنيعه يكون باللون اصفر ذهبي وداخله باللون الأخضر الغامق ويحتاج
لمدّة من الزمن كي يجف تماماً ليصبح جاهزاً للإستخدام.
تاريخ صناعته :-
يعود تاريخ صناعة
صابون الغار في حلب إلى ما قبل 2000 عام قبل الميلاد، ولم تتغير طريقة
صناعة الصابون بشكل كبير منذ ذلك الحين حيث لا زالت تحافظ على طريقة الإنتاج التقليدي
الشبه يدوية مع بعض التطور مع مرور الزمن .
استخدم الرومان
الصابون وكذلك الفينيقيون والغرب الأوروبي، ويُقال إن (الملكة المصرية
كليوباترا والملكة زنوبيا في سوريا) حرصتا على اقتناء
صابون الغار، كما بدأت صناعة الصابون في القرن الثالث عشر
للميلاد وكان لا يستطيع شراءه إلا الأغنياء بسبب ارتفاع الضريبة عليه حتى عام 1853 عندما ألغيت الضريبة
وأصبحت أسعار الصابون بمتناول الجميع، ولم يسلم الصابون
الحلبي من تقليد الأوروبيون له فأنتج الفرنسيون صابونا مُشابها سموه “صابون مرسيليا”.
ويبدو أن أسباب
تفرد حلب في صناعة صابون الغار عن غيرها من المُدن نظراً لتوفر أشجار الزيتون والغار
بكثرة في المدينة فزيتهما هما المكونان الأساسيان لمزيح المواد الأولية لصناعة الصابون، فضلا عن ملائمة
الظروف المناخية للإنتاج في مدينة حلب .
حيث يصل عدد المعامل
إلى أكثر من 85 معملاً لإنتاج
صابون الغار حرصاً على تلبية حاجة الاستهلاك المحلي أو التصدير، فضلا عن هجرة عدد
من المعامل إلى خارج حلب بسبب خروج أصحاب المهنة إلى دول اللجوء لما فرضته أحداث الثورة
السورية في عام 2011 من ظروف عدم توفر
مقومات استمرار الإنتاج وكذلك هجرة الحرفيين في صناعة الصابون.
* طقوس الصناعة :-
في فصل الشتاء
تبدأ عملية صناعة الصابون الحلبي (الغار) من بداية شهر كانون
الأول لغاية شهر نيسان وتتوقف في فصل الصيف، ويتكون صابون الغار
الحلبي من مكونين أساسيين زيت الغار وزيت الزيتون، وتضاف مادة “الصودا” لتحويل المزيج
السائل إلى مواد صلبة، أما قديماً فكانت
تُستخدم مادة “القلي” وهي عبارة عن نبات
حشيشي ينمو في البادية لكنها تستغرق وقتاً أطول في عملية التحويل.
يُغلى المزيح على
درجة حرارة عالية تصل (200) مئوية، ثم يُضخ على أرضية
مستوية، ويحتاج من (6ــ9) أشهر حتى يجف الخليط
وتصبح الألواح قاسية جاهزة للتقطيع على شكل مكعبات، وتنتهي عملية صناعة
الصابون في ختم اسم المصنع على كل قطعة صابون.
وفي بعض الأحيان
يحمل الختم صورة قلعة حلب، بعدها تصبح قطعة
صابون الغار جاهزة للاستخدام ولو مضى على عمر تصنيعها سنوات عديدة، إذ تبقى محافظة
على جودتها دون أن تفقد رغوتها الكثيفة ورائحتها العبقة.
يختلف لون صابون
الغار عن غيره من أنواع الصابون بوجود طبقة خارجية ذات لون أصفر ذهبي، أما لونه في الداخل
أخضر فاقع، وفي العموم يعود اختلاف لون الصابون أصفر
أو أخضر بسبب تأكسد الصابون من العوامل الجوية المحيطة به، فاللون الأصفر
للصابون يدل على قدمه، أما اللون الأخضر
فدليل على حداثته.
وتزداد تكلفة الصابون
تبعاً إلى نسبة زيت الغار فيه التي تتراوح بين (2% ــ 40%) فكلما زاد كميت
زيت الغار ازدادت جودته، بينما يحتوي على
ما نسبته (60% ــ 98%) من زيت الزيتون، وهناك بعض الأنواع
يُطلق عليها “البلدي” وتخلو تركيبته
من زيت الغار.
ولا تقتصر قيمة
صابون الغار في التنظيف ورائحته العطرة فحسب، بل لصابون الغار
فوائد عديدة، فهو معقم للجلد ويرطب البشرة ويساعد على تغذيتها
ونضارتها كما يُؤخر ظهور التجاعيد.
وله دور في القضاء
على أمراض الحساسية، عدى أنه يؤخر ظهور
الشعر الأبيض (الشيب) ويقلل منه، وتكمن فوائد صابون
الغار في احتوائه العديد من الفيتامينات والمعادن، خاصة فيتامين (E).
وتجدر الإشارة إلى اهتمام
الشعب العراقي باستخدام الصابون الحلبي بكثرة، ويطلقون
عليه صابون “الركة
أو الرقي”، وقد
استبدلوه بالصابون الإنكليزي بعد اكتشافهم فوائده الطبيّة ومكوناته الطبيعية.
1 ــ يساعد صابون الغار البشرة على
المحافظة على شبابها وتأخير علامات تقدم السن عليها وبخاصة الخطوط البيضاء الرفيعة.
2 ــ يساعد على نضارة البشرة ولمعانها.
3 ــ ليس له أي آثار جانبية وخصوصاً
على البشرة الحساسة نظراً لأنه لا يحتوي على أي من المواد الكيميائية.
4 ــ علاج فعال لحب الشباب بالإضافة
إلى أنّه يمنع ظهوره على البشرة.
5 ــ يساعد على تنظيف البشرة من الشوائب
التي تعلق فيها.
6 ــ يغذي البشرة ويساعد على تجديد الخلايا
فيها.
7 ــ يعمل أيضاً على تخليص الجلد
من البكتيريا.
8 ــ يساعد على توحيد لون البشرة
وخاصة المناطق الحساسة.
9 ــ من أفضل الوصفات التي يمكن استخدامها
لترطيب البشرة.
* فوائد صابون الغار للشعر :-
1 ــ يساعد في الدرجة الأولى على
التخلص من قشرة الرأس المزعجة.
2 ــ يعمل على تقوية بصيلات الشعر.
3 ــ يساعد على تأخير ظهور الشيب
على الشعر.
4 ــ يعمل على إعطاء الشعر اللمعان
والملمس الناعم.
5 ــ يقوي الشعر ويمنع تساقطه أو
تقصفه، وهذه المشكلة يعاني منها أغلب الناس رجالاً ونساءً.
6 ــ يساعد على منع ظهور بعض الأمراض
الجلدية التي قد تصيب فروه الرأس ومن أهمها الثعلبة.
يمكن صناعة صابون الغار منزليـًا، وذلك عن طريق وضع كمية من الماء
في قدر كبيرة وعميق على نار مرتفعة حتى يصل إلى درجة الغليان، ثم نضيف الزيوت التالية إلى
الماء بعد أن نخفض درجة حرارة النار وبنفس الكمية (زيت الحبة السوداء، زيت جوز الهند، زيت الزيتون، زيت النخيل، زيت بذور القطن)، ندعه يغلي قليلاً ثم نضيف ماء الصوديوم بمقدار ملعقة كبيرة وهي مادة تعتبر من
المكونات الأساسية لصناعة الصابون لأنها تقوم بتحويل المادة السائلة إلى المادة الصلبة
ونضيف أيضاً زيت الغار بنفس مقدار الزيوت الأخرى، ونتركه يتابع عملية الغليان
ثم نطفئ النار نصفي المزيج وندعه يبرد تماماً.